الجمعة، 4 نوفمبر 2011
الاثنين، 25 يوليو 2011
وداعاً اسرائيل
مدير مركز الدراسات الاستراتيجية روسيا والعالم الإسلامي
نشر في صحيفة زافترا الروسية بتاريخ 29/6/2011
ستالين وترومان
ظهرت دولة "اسرائيل" في مايو 1948 وفقا لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة في تشرين الثاني (1947)، وكان هذا قرارا شكليا للغاية، لأن إقامة دولة يهودية مصطنعة في قلب العالم العربي أصبح ممكنا فقط بفضل النوايا الاستراتيجية لزعماء الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي -- أقوى الدول في فترة ما بعد الحرب।
لعبت العوامل المعنوية والعاطفية المرتبطة بمصير اليهود في أوروبا بعد الاحتلال النازي دورا هامشيا لدى كل من ستالين وترومان. الهدف الأهم كان مختلفا. كل من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة نظروا إلى دولة اليهود القادمة بوصفها أداة فعالة لتنفيذ مصالحهم طويلة الأجل في الشرق الأوسط.
انتهت الحرب العالمية الثانية، وبدأ تقسيم مناطق النفوذ بين القوتين العظميين الجديدتين في كل ركن من أركان هذا الكوكب. والأهمية الخاصة لمنطقة الشرق الأوسط الكبير كانت واضحة بالفعل في أذهان جميع السياسيين ذوي التفكير الاستراتيجي. فليس من قبيل الصدفة أن يسعى ستالين في ذلك الوقت للحصول على ليبيا تحت حماية الاتحاد السوفياتي.
لكن المنطقة كانت لا تزال تحت سيطرة الدول الاستعمارية الكبرى آنذاك - بريطانيا وفرنسا. رغم أن باريس ولندن خرجتا من الحرب العالمية الثانية في حالة ضعف شديد، إلا أن التخلي طوعا عن هيمنتهما في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط، لم يكن حسبانهما.
كان من المقرر ان تصبح "إسرائيل" بلدوزرا تحت السيطرة، من شأنه أن يساعد على تمهيد الطريق الى المنطقة سواء للاتحاد السوفياتي (كما رغب ستالين) أو للولايات المتحدة (كما أراد ترومان). ولكن الخطأ في الحسابات كان من نصيب ستالين. فقد أرسل الى فلسطين (التي كانت لا تزال تحت الانتداب البريطاني) الالاف من ضباط الجيش والمخابرات الذين اعتقد أنهم على درجة كبيرة من الثقة من اليهود الشيوعيين كي يقيم بمعونتهم "إسرائيل" الاشتراكية، ولكن ثبت أن نداء الدم أقوى من المعتقدات الشيوعية. واتضح سريعا أن ستالين "ألقي خارجا" .
ربما أصبحت هذه المحاولة الفاشلة مع "إسرائيل" وإن لم تكن وحدها، من أسباب كراهية ستالين العميقة، في فترة مبكرة من حياته السياسية ، لليهود. (ذات مرة قبل عام 1917، اقترح الزعيم المستقبلي إلى "حملة تنظيف" واسعة في صفوف الحزب لتخليصه من "سيطرة العناصر اليهودية" عليه، وربما كانت مجرد مزحة، ولكنها معبرة للغاية.) على أي حال قضية "الأطباء اليهود" او حملة " العالميون بلا جذور" (حملة أيديولوجية أجريت في الاتحاد السوفييتي في الأعوام 1948-1953، واستهدفت شريحة من المثقفين الحزبيين اليهود - المترجم) كانت هذه الحملات تحمل في طياتها أصداء فشل العملية الستالينية في الشرق الأوسط ذات الاسم الرمزي "إسرائيل".. في نهاية المطاف قتل ستالين، ولكن "النزعة المعادية لإسرائيل" بقيت بين خلفائه حتى غورباتشوف.
لكن الوضع في ذلك الوقت لم يكن صفوا كذلك في العلاقات بين الولايات المتحدة والدولة اليهودية المشكلة حديثا. الحكام "الإسرائيليون الأوائل" فضلوا الاعتماد أكثر على علاقاتهم التقليدية مع أوروبا ، حيث استقرت مراكز الصهيونية العالمية. لا سيما أنه منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، كانت أميركا إحدى البلدان العديدة التي تزدهر فيها معاداة السامية ليس فقط على مستوى شعبي بسيط، بل وعلى مستوى النخبة، والدوائر السياسية.
لذلك ، شاركت "إسرائيل" ، جنبا إلى جنب مع بريطانيا وفرنسا في حرب "العدوان الثلاثي" على مصر عام 1956 ، بعد أن أمم جمال عبد الناصر قناة السويس. كانت هذه هي المرة الوحيدة في تاريخ "الدولة" العبرية، التي تشارك فيها "إسرائيل" في الحرب ضد جيرانها العرب، دون أن تتلقى موافقة مسبقة من واشنطن.
وقفت موسكو التي كان لها آنذاك علاقات وطيدة مع مصر الثورية بحزم ضد هذا العدوان. القيادة السوفياتية صرحت انه إن لم توقف هذه الحرب فورا، فإن ثلاثمائة ألف من المسلمين السوفيات سوف يهرعون لنجدة إخوانهم في الدين المصريين. وعندما هرعت لندن وباريس المذعورتين طلبا لمساعدة الأمريكان صارحهم ايزنهاور، بأن التزامات حلف شمال الاطلسي للمساعدة المتبادلة لا تنسحب على المنطقة. نتيجة لذلك اضطر التحالف الثلاثي للخروج من المولد بلا حمص، وأصبح جمال عبد الناصر بطل القومية العربية ، وأخيرا أدركت تل أبيب والصهيونية العالمية الراعية لها على من يجب التركيز
"وبعد ذلك أجبرناهم على الركوع على ركبهم (ركّعناهم)..."
بدأ بناء تركيبات دقيقة ومعقدة جدا من أجل تكوين تحالف طويل الأمد بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" ليس من أجل مصالح النخبة الأمريكية فقط، بل وكذلك من أجل مصالح تشكيلات الصهيونية العالمية المتنامية بسرعة كبيرة.
اليمين الأمريكي المتطرف يرون أن العملية التي أدت في النهاية إلى تشكيل "نظام احتلال صهيوني مؤقت" في الولايات المتحدة، قد تعززت بشدة خلال النصف الثاني من الخمسينات ، وبالدرجة الأولى من خلال "احتلال" الحزب الديمقراطي. ومع ذلك، في الواقع، لم يجر شيء غير عادي. جزء من النخبة الأمريكية المؤيدة للصهيونية بشكل خلاق للغاية استخدمت بمهارة ظاهرة "اسرائيل" من أجل توحيد المجتمعات اليهودية ورأس المال اليهودي لتعزيز موقفها السياسي في الولايات المتحدة.بشكل كبير
لهذا بالذات تم تطوير سلاح تنظيمي خاص واستخدامه بشكل موجه: تم تأسيس مئات بل آلاف المنظمات الداعمة تعبويا لإسرائيل على جميع المستويات – سواء المستوى الوطني العام أوعلى مستويات حكومات الولايات والبلديات، والتي تم لاحقا توحيدها وترتيبها بتراتبية معينة، تم تشكيل نظام لوبي خاص، وتصميم وتنفيذ سياسات الموارد البشرية على الصعد المالية والإعلامية، وتقديم الدعم المتنوع لصانعي السياسة الأميركية، المؤيدين "لاسرائيل" دون تحفظ، وجمعت موارد إعلامية وسياسية لتوسيع وتعزيز التحالف الأمريكي "الإسرائيلي"، ونفذت حملات أيديولوجية ودعائية خاصة.
في الواقع، تحت غطاء الحاجة لدعم كامل "لإسرائيل" تم تنفيذ مشروع استراتيجي ضخم لتشكيل آلية واسعة الأبعاد للسيطرة على آلة السلطة الاميركية من قبل المنظمات الصهيونية العالمية. ونتيجة لذلك، فإن في الولايات المتحدة اليوم ينشط مثلث سياسي "الولايات المتحدة - اللوبي المؤيد لإسرائيل (الذي يعتبر من ناحية المكون الصهيوني في المؤسسة الاميركية، ومن ناحية أخرى -- هو عنصر إداري أساسي في التشكيلات الصهيونية العالمية) -- و" اسرائيل".
في الفترة 1967-2006. جاء عصر الازدهار في التحالف الأمريكي "الإسرائيلي". فقد غدت الدولة الصهيونية الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مخلفة وراءها إيران الشاهنشاهية وتركيا، العضو في الناتو.
نسقت "إسرائيل" جميع عملياتها العسكرية ضد العرب، بشكل وثيق مع البنتاغون. وصلت الأمور إلى درجة أن واشنطن زودت "إسرائيل" بالسلاح النووي، الذي، مع ذلك، لا يزال تحت سيطرة الولايات المتحدة. ازداد نفوذ الولايات المتحدة السياسي في المنطقة بشكل كبير، وأصبح المهيمن في التسعينات، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. ولكن في نفس الوقت تعزز نفوذ التشكيلات الصهيونية العالمية فوق الوطنية، في السياسة الاميركية الداخلية والخارجية.
بلغ كل من هذين المسارين المترابطين قمة الذروة، في الفترة الرئاسية الأولى لجورج بوش الأصغر. فقد تشكل داخل الولايات المتحدة تحالف اجتماعي وسياسي واسع النطاق من اليهود الصهاينة والصهاينة البروتستانت، والذي تجسد في طروحات "المحافظين الجدد"..التي يمكن التعبير عن جوهرها بعبارة واحدة : "ما هو جيد بالنسبة للولايات المتحدة هو جيد " لإسرائيل " كذلك، والعكس بالعكس." جزء من النخبة الأميركية نظم عمليات 11 سبتمبر الاستفزازية، والتي أصبحت ذريعة لاعلان الحرب على العالم الإسلامي - المنافس الرئيسي ل "اسرائيل" من وجهة نظر المنظمات الصهيونية العالمية.
ديالكتيك (جدلية)
لكن التاريخ، كما نعلم، أشبه بسيدة متقلبة المزاج، ميالة لتصرفات غير قابلة للتنبؤ من قبل الناس.
من ناحية أصبح "إسرائيل" فعلا أداة هامة للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. ولكن من ناحية أخرى، تحولت الدولة الصهيونية بالذات إلى عامل أساسي مؤجج للراديكالية والتطرف في الشرق العربي.
من جهة أصبحت "إسرائيل" قاعدة انطلاق قوية للحضارة الغربية في المنطقة، واجهة عرض للديمقراطية الغربية والعلمانية الغربية. ولكن من جهة أخرى ، فإن وجود "إسرائيل" بالذات أصبح واحدا من الإرهاصات الأساسية لنهضة اسلامية قوية في العالم. وعلاوة على ذلك، فلو لم تكن "إسرائيل" لما جرى ذلك التدهور السريع في السنوات الأخيرة للأيديولوجيات الليبرالية والعلمانية وأحزابها في العالم العربي.
من ناحية ، ثنائي "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية " أصبح لمئات الملايين من المسلمين في جميع أنحاء العالم رمزا للظلم المطلق، شكلا لاأخلاقيا للعدوان الاستعماري، للعدو فاقد الرحمة، الذي لا يفهم سوى لغة القوة.." اسرائيل " احتلت الأراضي التي كانت موطنا للفلسطينيين خلال آلاف السنين، تحت مبررات غبية للغاية، أن اليهود عاشوا يوما ما على هذه الأرض وطردوا منها، وفقط لهذا السبب فإنهم يملكون الحق التاريخي للسيطرة على هذه الأرض، ولكن اليوم حتى أشهر العلماء الإسرائيليين يثبتون أن اليهود في الحقيقة لم يطردوا يوما من قبل الرومان من يهودا ذلك العهد.
تخيل للحظة أنك فلسطيني. تعيش في شقتك التي تملكها بشكل قانوني ، والتي خلفها لك والداك..وفجأة ودون مقدمات يقتحم عدد من الرجال المسلحين شقتك، وبكل وقاحة يطالبونك بالرحيل فورا..وردا على سؤالك بلهفة المنصعق "لماذا؟" تتلقى نقريبا الجواب التالي: "قبل ألفي سنة كان هذا المكان أحد محطات قبيلتنا اليهودية، ولهذا السبب بالذات فإن لنا مطلق الحق القانوني في شقتك، وإن لم توافق أيها الوغد على وجهة نظرنا، فإننا سنقضي عليك وجميع أفراد عائلتك، فانصرف خارجا! ". كان هذا هو مبرر الصهاينة "التاريخي" من أجل حرمان أبناء الشعب الفلسطيني من أرضهم ومنازلهم وأملاكهم، وآثارهم التاريخية ، ومقابرهم التي تحوي عظام أسلافهم.
غير أن الحسم بطبيعة الحال، كان لطموحات ستالين وترومان السياسية.
ولكن ، من ناحية أخرى ، فإن النضال لأكثر من سبعة عقود ضد "اسرائيل" ساهم في نمو وتشكل الوعي الوطني والاجتماعي والسياسي للشعب الفلسطيني. فالفلسطينيون اليوم – هم أحد أكثر شعوب العالم تقدما وشجاعة. فعلى سبيل المثال ، فحسب عدد الطلاب لكل ألف نسمة من السكان فإن الفلسطينيين يتفوقون بالفعل حتى على روسيا. وحسب عدد الشهداء الأبطال ، الذين يذكرهم الفلسطينيون دوما بكل اعتزاز وفخر، فأعتقد أنلا نظير لهم على وجه البسيطة. وبالمناسبة فإن "إسرائيل" تفتقر لهذا التقديس للأبطال، كما في روسيا الحديثة "الديمقراطية" كذلك.
لو لم يوجد العامل الصهيوني، لربما كان قطاع غزة قد ضم الى مصر ولتحول سكانه من فلسطينيين إلى مصريين ولأصبح سكان الضفة الغربية أردنيين.
ضرورة النضال ضد "اسرائيل" أصبحت إحدى أقوى الدوافع للثورة الايرانية في الأعوام 1978-1979. وكما هو معلوم، فإن الشاه كان صديقا حميما للدولة للصهيونية. الوجود الصهيوني في الشرق الأوسط أصبح أحد الأسباب المهمة لوصول القوى الإسلامية الأصولية المعتدلة الى السلطة في كل من إيران وتركيا، ، ونتيجة لذلك بدأ يتغير جذريا ميزان القوى في سائر منطقة الشرق الأوسط. بدأت أخيرا وليس ثانويا الدور الذي لعبته المشاعر المعادية لإسرائيل في الثورة العربية الحالية. غير أن هذا العامل سيتعزز مع الوقت. سياسة الدولةالصهيونية ستؤدي بشكل طبيعي إلى تزايد موجات العداء السامية عالميا، والتي لاحظتها، بالمناسبة، حتى المراكز الصهيونية نفسها، بما في ذلك المؤتمر اليهودي الروسي
العسكر أم الصهاينة... من يفوز؟
مباشرة بعد سنة ونصف من الغزو الامريكي للعراق في عام 2003 ، أصبحت "إسرائيل" سببا لمواجهة جديدة أوسع داخل المؤسسة السياسية العليا في الولايات المتحدة. وطفى على السطح الصراع بين أكثر فريقين قدرة داخل النخبة الأميركية – فريق العسكر والفريق الموالي "لإسرائيل".
حتى بدايات العام 2005 خلصت وزارة الدفاع الامريكية إلى ان هزيمة "المتمردين" وفرض رقابة فعالة على العراق يكاد يكون ضربا من المستحيل. غزو العراق أصبح ، في جوهره ، شركا جيوسياسيا للولايات المتحدة، لأن العراق المحتل اصبح نقطة زعزعة استقرار لكامل منطقة الشرق الأوسط الكبير، التي تكتسي أهمية خاصة بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة الحيوية. غزو العراق أدى موضوعيا إلى زيادة اعتماد الولايات المتحدة على ايران التي تمتلك أدوات للتأثير على الوضع العراقي الداخلي أكثر من واشنطن بكثير.
بطبيعة الحال، اندلعت داخل النخبة الأميركية، مناقشات حامية حول "من هو المسؤول عن إيقاع الأميركيين كالخراف في هذه المغامرة الخاسرة؟" عقدت عشرات الجلسات للعصف الذهني وورش عمل خاصة، ودبجت المئات من المقالات ونشرت العديد من الكتب.
ذلك الجزء من المؤسسة السياسية الأميركية، الذي هاجم سياسة المحافظين الجدد وإدارة بوش الأصغر متهما إياهم بالطيش والحماقة لإهدارهم الرصيد الاستراتيجي للولايات المتحدة بوصفها القوة العظمى الوحيدة في معارك أفغانستان والعراق، في الختام، جاءت الخلاصة أن الدور الرئيسي في إشعال الحرب وتوجيهها ضد صدام حسين قامت به المؤسسة "الإسرائيلية" واللوبي الأمريكي المؤيد "لإسرائيل".. وتبع ذلك بالتالي استنتاجات تنظيمية.
في ديسمبر 2006م، عين وزير حرب جديد في الولايات المتحدة هو روبرت غيتس، أحد كبار ممثلي النخبة الأميركية ورئيس اللوبي العسكري الأمريكي، الذي كان من المقرر أن يجري تعديلات كبيرة في السياسة الخارجية. عارض تعيينه في هذا المنصب آنذاك نائب الرئيس ديك تشيني – القائد الفعلي لفكر المحافظين الجدد.
في العام 2008 ، في مدينة فيلادلفيا في شهر يونيو عقدت جلسة سرية لكبار ممثلي النخبة الأميركية مع باراك أوباما وهيلاري كلينتون. وتحت إلحاح اللوبي العسكري توصلوا إلى اتفاق تسوية على أن يكون الرئيس القادم باراك أوباما، ولكن هيلاري كلينتون، التي راهنت عليها الصهيونية العالمية ينبغي أن تتلقى تعويضا كوزيرة للخارجية.
بعد الانتخابات الرئاسية الصراع في المستويات العليا للنخبة الاميركية لم يتوقف. فلم يمكن اللوبي الإسرائيلي، أوباما ومن يقف خلفه من النخبة العسكرية الأمريكية من تعيين مرشحيهم لبعض المناصب الحكومية، متهمما إياهم بحمل وجهات النظر معادية "لإسرائيل".
تصاعدت المواجهة داخل النخب في الولايات المتحدة تبعا لتطور البرنامج النووي الايراني. فقد اشتبه العسكر الاميركي ان "اسرائيل"، جنبا إلى جنب مع رعاتها من المنظمات الصهيونية العالمية ، تسعى لاثارة حرب مباشرة بين الولايات المتحدة إيران. أي عسكري ذي عقل سوي يدرك أن مثل هذه الحرب ستصبح على الفور خارج السيطرة، وتشمل في أتونها المنطقة بأسرها، ومن ثم ستكتسب طابعا عالميا. وبالمناسبة تسببت هذه المشكلة بزيادة حادة في الخلافات حتى بين حكومة نتنياهو والعسكر "الإسرائيليين" واسعي النفوذ.
سؤال مهم: لماذا تحتاج النخبة "الإسرائيلية" المهيمنة الآن، والأهم من ذلك الحركة الصهيونية العالمية إلى هذه الحرب بين ايران والولايات المتحدة، والتي يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة للغاية، وخصوصا بالنسبة "للشعب اليهودي" نفسه؟
تصاعدت الأمور إلى حد أنه حتى زبيغنيو بريجنسكي الشهير اضطر إلى أن يعلن أنه إذا حلقت الطائرات "إسرائيلية" لقصف الأراضي الإيرانية، فإن الأميركيين سيضطرون لاعتراضها فوق العراق كي تجبر "الإسرائيليين" على العودة الى مطاراتهم.
للمرة الاولى في تاريخها، نشرت الاستخبارات الاميركية تنبؤاتها التقديرية، التي شككت فيها للغاية بشأن فرص "إسرائيل" في البقاء بعد العام 2025.
أعقب ذلك بيان علني صادر عن الجنرال ديفيد باتريوس، الذي كان قائد القيادة المركزية الأمريكية، ومن ثم القائد الاعلى للقوات الاميركية في افغانستان. هذا التصريح أصبح مؤشراعلى تزايد التوتر في العلاقات بين النخبة العسكرية الامريكية واللوبي الموالي "لإسرائيل".
خلف الصيغة الدبلوماسية في الواقع اختبأت رسالة قاسية للقيادة "الإسرائيلية" ملخصها التالي. سياسة "اسرائيل" تؤدي إلى افتعال مشاكل جديدة لأمريكا في العالم الإسلامي. والولايات المتحدة أن تدفع ثمن اللاعقلانية المتزايدة للقيادة "الاسرائيلية" من دماء جنودها، وتتكبد خسائر مالية ضخمة، وإضعاف موقفها في الشرق الأوسط. وهذا يحدث في الوقت الذي تتراجع القدرات السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، فيما تتحول الصين بالنسبة لواشنطن إلى تحد استراتيجي رئيسي.
وخلافا لمواقف أمريكا وأوروبا ، فإن غالبية النخبة "الاسرائيلية" الحالية لا تريد اي اتفاق حقيقي مع الفلسطينيين، ولن توافق تحت أي ظرف من الظروف على اقامة دولة فلسطينية مستقلة. "الدولة العبرية الحالية" قامت على أساس أنها لايمكن أن تعيش إلا في حالة "لا حرب ولا سلام، ولن تتخلى عن الأراضي المحتلة".
خلاصة القول هو أن "إسرائيل" لم تتمكن (ولم ترغب) بالدخول في النظام الإقليمي للشرق الأوسط، بينما يظهر التاريخ أن الدول، التي لم تتمكن من الاندماج في المنطقة (على سبيل المثال الإمارات الصليبية) حتما ستختفي عن الخريطة.
وأدت المواجهة بين العسكر الأمريكي واللوبي المناصر "لإسرائيل" إلى تفاقم الخلافات داخل الحركة الصهيونية العالمية، ويمكن القول أن تيارين تشكلا داخل الآلية الصهيونية
الأول - وهو ما يسمى " للصهيونية القومية" أنصار الدعم التقليدي غير المشروط لاسرائيل "كدولة يهودية قومية" مهما كان الثمن. "الصهيونية القومية" لا تزال هي المسيطرة داخل الحركة الصهيونية العالمية، ولكن مواقفهم في تراجع تدريجي. وأسباب ذلك كثيرة، ولكن يمكن أن نذكر عاملين اثنين فقط متعلقين مباشرة "بإسرائيل". بالدرجة الأولى، جاذبية صورة "اسرائيل" كوطن قومي "لجميع اليهود في العالم" قد تشوهت بشدة. وحقيقة أن المجتمع الإسرائيلي والنخبة الإسرائيلية تتحلل، لم تعد سرا. مثال واحد فقط. يتعلق بوزير الخارجية الاسرائيلي الحالي افيغدور ليبرمان الذي رفعت ضده بالفعل ست أو سبع قضايا جنائية متعلقة بالفساد وغسيل الأموال والنصب والاحتيال المالي.. الخ. والذي بمجرد ان يترك منصبه الوزاري ، فعلى الارجح سيلقى وراء القضبان. هذا بالنسبة للسؤال عن منظر النخبة الإسرائيلية الحالية!
عملية التدهور الأخلاقي والاجتماعي والسياسي للمجتمع الاسرائيلي ككل، تعززت بشكل خاص في السنوات العشرين الماضية. من المفهوم لماذا عدد من اليهود المغادرين "لأرض الميعاد" أكبر من عدد القادمين إليها. بالإضافة إلى ذلك ، فإن إسرائيل لم تصبح دولة اليهود بل دولة الشعب الاسرائيلي (ما هذا -- عدد ضئيل من الناس يعرفون).
والاتجاه الثاني في الحركة الصهيونية العالمية -- هو ما يسمى "الصهيونية الإمبراطورية" الذين يرون مستقبل الصهيونية، ليس في "اسرائيل" ولكن في تعزيز التحالف الاستراتيجي مع أحد مراكز القوة العالمية. ولذا فإنهم يعتبرون أنه لايجب التضحية بمستقبل المجتمعات اليهويدية ورأس المال اليهودي في الولايات المتحدة من أجل "إسرائيل".. وحسب رأيهم فإنه لا الصين ولا أوروبا لأسباب مختلفة ، يمكن أن تكون ذلك الحليف الاستراتيجي طويل الأجل للصهيونية العالمية. ويتبقى فقط خياران : الولايات المتحدة وروسيا. وبالمناسبة، فليس من قبيل الصدفة أن نتنياهو، ليبرمان، وقادة المنظمات الصهيونية الروسية يتحدثون بشكل متزايد عن أهمية تحالف استراتيجي على المدى الطويل بين "إسرائيل" وروسيا.
***
تاريخ اسرائيل، في الشكل كما هو موجود حاليا، موضوعيا في طريقه للأفول. والمسألة ليست في أن الجيوش العربية سيطرت بشكل مفاجأ على الأراضي الإسرائيلية أو أن بعض المتطرفين الفلسطينيين تمكنوا فجأة من شل الحياة الاقتصادية والسياسية تماما في الدولة اليهودية. فهذا لن يحدث.
"إسرائيل" -- دولة مصطنعة اختلقتها قوى خارجية من أجل حل بعض المشاكل. هذه المهام لم تعد "إسرائيل" قادرة على القيام بها، لذا، تنتفي الحاجة إليها، عدا عن أنها ، بدأت موضوعيا تعيق، بما في ذلك الشعب اليهودي نفسه.
مواقف من حياة الإمام حسن البنا
مواقف من حياة الإمام حسن البنا
الامام الشهيد / حسن البنا |
هتف اعضاء من حزب الوفد يسقط حسن البنا يسقط حسن البنا يسقط حسن البنا فصعد رجل يلبس بدلته فوق الأكتاف
يهتف كذلك يسقط حسن البنا يسقط حسن البنا فالتفت الحضور لهذا الرجل فوجدوه حسن البنا وهو يردد يسقط حسن البنا يموت حسن البنا ولكن تبقي دعوة الله خالدة باقية لاتموت فأنفض بعدها الحضور مندهشين معجبين بهذا الموقف المؤثر اتذكر هذا الموقف هذه الأيام التي يشكك فيها بدعوة الإخوان بعد تحكم العلمانيين في الإعلام
ولكن نردد مع حسن البنا رحمه الله تبقي دعوة الله خالدة باقية لاتموت
كلمات من نور للشهيد سيد قطب
إن أفكارنا و كلماتنا تظل جثثا هامدة كعرائس الشمع ، حتى إذا متنا في سبيلها و غذ يناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء .
كن صاحب دعوة ولودة
نعم أيها الداعية إلى الله
أريدك أن تكون داعية ولودا...
قد تكون أخي الداعية ممن يملك الكلمة المؤثرة ....أو ممن يحرك القلوب المتحجرة....... وممن يهز المنابر ... وممن يلتف حوله المستمعون وقت الحديث ... وفي كلٍ خير
ولكن .. الدعوة الولودة تحتاج الى داعية صاحب هم .. قادر على التوريث الدعوي .. انه الداعية الذي كل همه .. أن يلد داعية مثله .. يحمل رايته من بعده .. يواصل مسيرته ... يسير على طريقه ومنهجه ... فكن أخي الداعية ذاك الرجل ... الذي يحمل دعوة النور للعالمين .. فامتلك أخي الداعية مقومات التوريث ... وكن صاحب سجل للخلود ... وكن صاحب أثر ... " ونكتب ما قدموا وآثارهم "
فيا أيها الداعية إلى الله ... في الناس كثير من نجباء القوم .. ومن الرواحل .. وممن توفرت فيهم صفات الرجولة الحقة
ابسط لهم يديك .. أغدق عليهم من علمك .. وأكسبهم من خلقك وأدبك .. عش بهم في ظلال الدعوة الوارفة .. انهل لهم من معينها ... اشربهم مشاربها العذبة ... أفض عليهم من سلسبيلها الرقراق .. حتى يقوى عودهم ... حينئذ يخرجون الى الكون دعاة وارثين ... وابناء مطيعين لك ولدعوتك .. حاملين راية الحق المبين ... مساندين لجهدك ... مباركين لعملك ... فاتحين لدعوتك ... هذا هو نسب الابناء عن الاباء في دعوتنا المباركة ..
ولا تنسى أن في العقم يتم .... فلا تقبل لدعوتك أن تكون يتيمة أو عقيمة .
السبت، 2 يوليو 2011
دعوة للاعتصام التضامني مع الأسرى في سجون الاحتلال
اعتصام الأحد وصيام الإثنين
دعوة للاعتصام التضامني مع الأسرى في سجون الاحتلال
دعوة للاعتصام التضامني مع الأسرى في سجون الاحتلال
مع تصاعد هجمة المحتل الصهيوني على الأسرى الأبطال في السجون الصهيونية، واعتدائه بالضرب على عميد الأسرى نائل البرغوثي، ومعاقبته مع الأسير هلال جرادات بعقوبات تعسفية تفتقر للإنسانية، فقد أعلن الأسرى إضرابًا تحذيريًا، وعليه تدعو رابطة الشباب المسلم أبناء شعبنا الفلسطيني ونوابنا الكرام إلى إظهار التضامن مع الأسرى وتنظيم الاعتصامات أمام مقرات الصليب الأحمر في جميع المحافظات، وذلك يوم الأحد القادم، الموافق 3/7/2011م، الساعة 11 صباحاً.
ونؤكد على اعتصام تضامني مع الأسرى في محافظة الخليل أمام الصليب الأحمر، الساعة 11 صباحًا، الأحد 3/7/2011م.
كما تدعوكم الرابطة إلى صيام يوم الاثنين القادم 2011/07/04م؛ تضامنًا مع الأسرى، ورفضًا لاعتداءات المحتل الصهيوني، وتضامناً مع شيخ الأقصى الشيخ رائد صلاح الذي اعتقلته السلطات البريطانية، كما ندعو إلى تصعيد المواجهات مع جيش الاحتلال على الطرق الالتفافية وفي القدس المحتلة.
ونتساءل أين العالم الذي تجند بأكمله من أجل الجندي الصهيوني الأسير جلعاد شاليط، فيما يتغاضى الجميع عن أبسط الحقوق لآلاف الأسرى الفلسطينيين، ونشد على أيدي آسري شاليط ونطلب منهم عدم التنازل عن مطالبهم العادلة وعلى رأسها الإفراج عن قدامى المعتقلين وأصحاب المؤبدات.
سائلين المولى عزّ وجل أن يخفف معاناتهم وذويهم ويعجِّل بالفرج لهم جميعًا
إخوانكم
رابطة الشباب المسلم
الضفة الغربيّة
1/7/2011م
التسميات:
رابطة الشباب المسلم الضفة الغربيّة
الثلاثاء، 28 يونيو 2011
محمود خالد هذا البطل فقد حياته من أجل الحريه
صوره محمود خالد في مرحله العلاج والألام
هذه الصوره شافها عصام شرف بنفسه أمام عيني في الإجتماع الثاني في مجلس الوزراء للجنه المصابين وكل اللي عمله ما اقدرش يتحمل !!!!!!!!!!
من الصوره
الكلام ده من شهر ايه القرار اللي أخده ليه أو لغيره ما فيش !
ولم يأمر بتحمل التكاليف علي نفقه الدوله وترك سيده تتحمل تكاليفه ولا أحب ذكر إأسمها لأنها ترفض ذلك .
محمود خالد في رقبتك يا عصام يا شرف و كل مصاب مات من الإهمال في رقبتك
اللهم بحق محمود قطب الشهيد إنتقم من رئيس الوزراء ومعاونيه وكل من تخاذل عنا
اللهم أرنا فيهم ما رأيناه في أنفسنا كي يعتبروا من الألام والأوجاع .
وأحرق قلوب المسؤلين علي أولادهم كما حرق قلوب أهالي الشهداء وأهالي المصابين
سينما الإخوان
صورة من صفحة سينما الإخوان على الفيس بوك |
وعرَّف شباب الإخوان أنفسهم من خلال الصفحة بأنهم مجموعة تمتلك الفكرة والموهبة، وتسعى لتحويل سينما الإخوان الافتراضية إلى سينما واقعية رسمية، محاولين من خلال الصفحة الإلكترونية الإلمام بمعظم الأعمال الفنية الهادفة للإخوان المسلمين، ونشرها- قدر المستطاع- لأهميتها في ترسيخ قيم ومبادئ الثورة في خلق إعلام هادف.
ومن الأفلام التي تم عرضها على صفحة سينما الإخوان "فيلم "الزيارة الأخيرة", وفيلم "اطفح راتبك بالحرام" وفيلم "ماتكفيش" لاستنكار أخلاقيات الرشوة، وفيلم "عين لا ترى" لمحو فكرة الطائفية، وفيلم "المتحولون" والذي يسرد تحول آراء المسئولين وتصريحاتهم الإعلامية حول ثورة 25 يناير, وفيلم "وامعتدلاه" الذي ينادي بالوسطية، وفيلم "رسالة" وفيلم "صندوق خشب"، وفيلم "قادمون يا قدسنا", وفيلم "أحبك يا بابا"، والعرض المسرحي لإخوان الشرقية "الشعب يصنع ثورته", وبلغ عدد المعجبين بالصفحة 5.524.
لمشاهدة الأفلام اضغط على الرابط التالي:
الخميس، 3 مارس 2011
حملة تجديد البيعة لمكتب ارشاد جماعة الاخوان المسلمين
ظهرت دعوات باطلة من الحاقدين من فلول النظام البائد والمدفوعين من مباحث امن الدولة يدعمون اشخاص يقولون انهم اعضاء بجماعة الاخوان المسلمين وذلك لعمل ثورة يوم 17 مارس 2011 ضد المرشد العام للاخوان المسلمين ومكتب الارشاد ذلك بغرض شق عصا هذه الجماعة المباركة وهذه المحاولات ليست بالجديدة منذ نشأة الجماعة عام 1928 ففشلت كل المحاولات وبقيت جماعة الاخوان المسلمين لذلك فنحن الذين شرفنا الله اولا للانتماء للاسلام وثانيا للانتماء لهذه الجماعة المباركة نجدد بيعتنا
للاستاذ المرشد د محمد بديع
مرشداً عاما لجماعة الاخوان المسلمي
الجزء الأول : قراءة خاصة في تجربة حزب “العدالة والتنمية” التركي
تركيا بلد المتناقضات والألوان المختلطة من جهة الجغرافيا هي بلد يمتد بين قارتين، ورغم أن معظمه يقع في آسيا، وهو ما اتخذه الرئيس الفرنسي السابق تعلة لتأسيس رفض انتمائه إلى أوروبا، بل اعتبر انتماءه للاتحاد بمثابة الإجهاز عليه. أما من جهة النظام السياسي فهي بلد ديمقراطي، بل لعلها أقدم ديمقراطية في المنطقة، إذ ظلت صناديق الاقتراع تفرز برلمانات وحكومات، من دون أن يشكك أحد في مصداقيتها، مما هو غريب في دول حديثة مشابهة من جهة تاريخ العلاقة بالحداثة، مثل مصر وتونس. ومع ذلك فالبلد تداولت عليه فترات الديمقراطية والانقلابات العسكرية. وكان آخرها انقلاب 1980 الذي وضع حداً لفوضى الاقتتال بين الجماعات القومية واليسارية، كما أراد أن يضع حداً لصعود الإسلاميين. ولم يعد الجيش إلى ثكناته إلا بعد أن أعاد ترتيب الحياة السياسية، وضبط الهيكل العام للدولة على نحو يجعل للمؤسسة العسكرية سلطة الرقابة على سير العملية الديمقراطية، ومدى انضباطها بالإطار العلماني للدولة، وبجملة الاختيارات الكبرى الاقتصادية والعسكرية والعلاقات الدولية، وذلك عبر سلطة مجلس الأمن القومي، الذي بلغ سلطانه حد طرده رئيس وزراء منتخب، بل وإيقاف العملية الديمقراطية ذاتها، وحل الأحزاب، والزج برؤسائها في السجون، من أجل إعادة ترتيب الأوضاع بما جعل العسكر هم الدولة في المحصلة النهائية. من جهة الثقافة، تركيا بلد القطائع والمتناقضات الشديدة، فقد حولها انقلاب النخبة المتغربة (نخبة جماعة الدونمة أي اليهود المتأسلمون بعد طردهم من الأندلس، والتجائهم إلى حاضرة الخلافة) بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، من عاصمة الأمة الإسلامية المترامية الأطراف، عبر القارات الثلاث، إلى دولة قومية شوفينية، في تعصبها للعنصر التركي، وعلمانية متطرفة حاربت الإسلام بكل ما ملكت من وسائل، وراهنت على استبدال الهوية الإسلامية العثمانية بهوية قومية علمانية أوروبية، عبر حملة شاملة على كل مؤسسات الإسلام التعليمية والوقفية والشعائرية بل التشريعية والدولية. لقد غيّرت الدولة قبلتها بالكامل، ولم تدخر جهداً في حمل الشعب على ذلك، رغم أن تجربة ثلاثة أرباع قرن أثبتت أن تغيير هويّات الشعوب أمر بالغ العسر، بسبب ما أبداه الشعب من مقاومة متعددة الأشكال، كان من بينها صعود حزب من داخل النخبة العلمانية العسكرية في الخمسينات، بقيادة عدنان مندريس، وفتح ثغرة محدودة في جدار العلمانية المتطرفة في عدائها للإسلام، التي أرساها مؤسس الجمهورية. وتتمثل هذه الثغرة البسيطة في الاتجاه إلى الاعتراف بالهوية الإسلامية لتركيا، عبر السماح بأداء الأذان بالعربية، ما جعل الناس يخرون سجداً ويبكون فرحاً، وكذا الإذن بفتح معاهد لتخريج الأئمة والخطباء. ورغم أن هذه السياسة لم تستمر أطول من الفترة بين 1950 و1960، إذ تم التصدي لها بكل عنف، من قبل حراس المعبد العلماني، الذين انقلبوا على الديمقراطية، بعد أن كانوا قد بدأوا بالانقلاب على الإسلام، فعلّقوا رئيس الوزراء المنتخب عدنان مندريس، ورئيس الجمهورية جلال بايار على المشنقة… وبعد أن أعادوا ترتيب الأوضاع، وبضغط من الشركاء الأوروبيين، من أجل الحفاظ على مستوى من الانسجام مع الوجه الأوروبي، الذي تحرص عليه النخبة، أو المفروض عليها، تمت العودة إلى الديمقراطية، غير أنها أفرزت مرة أخرى حزباً علمانياً معتدلاً بزعامة شخصية معتدلة قريبة من الجماعات الصوفية هو سليمان ديميريل، الذي استأنف على نحو ما سياسة مندريس من جهة السماح بالممارسة الدينية، وهو نفسه كان معروفاً بأداء الصلاة. وفي عهده استأنفت الحركة الإسلامية بزعامة البروفسور نجم الدين أربكان عملها، ضمن حزب جديد هو حزب السلامة الوطني، الذي ظهر على أثر ما شهدته الساحة من صراعات اليمين واليسار وتشتت الأحزاب، ما أتاح لأربكان فرصة التحالف مع مختلف الأحزاب العلمانية لتشكيل الحكومة مرة مع اليسار بزعامة أجاويد، "رئيساً للوزراء"، ومرتين مع حزب العدالة بزعامة ديميريل. قدمت هذه التحالفات الغطاء السياسي الضروري لنمو بنية تحتية قوية للإسلام، تمثلت في إشادة سلسلة واسعة من المدارس الثانوية والابتدائية لتخريج الأئمة والخطباء، واستقبلتهم كليات الشريعة لمواصلة تعلمهم ثم انفتحت في وجوههم مختلف أبواب الاختصاصات، وفك الحصار عن المساجد والتدين عامة. غير أنه أمام صعود الإسلاميين واشتداد حمى الصدام بين المتطرفين من اليمين واليسار، تدخلت المؤسسة العسكرية الوصي على تراث أتاتورك لتضع حداً لصعود الإسلاميين المتزايد مع اندلاع الثورة الإسلامية في إيران، من جهة، وللفوضى من جهة أخرى. ولم تعد إلى ثكناتها إلا بعد أن وضعت الوثيقة الدستورية الرابعة، التي نصبّت المؤسسة العسكرية عبر مجلس الأمن القومي حارساً ووصياً على تراث أتاتورك، كما سبق، وتسلم تورغت أوزال رئاسة الوزراء، فما لبث أن أعاد منهج مندريس إلى الواجهة في خطوة تهدف إلى مصالحة تركيا الحديثة مع هويتها الإسلامية والتخفف من تصلب العلمانية الأتاتوركية المعادية للإسلام. ضمن هذه الأجواء، تفاعلت مجموعة عوامل سياسية داخلية وخارجية، لتعزز من موقع الإسلام السياسي، فمن عودة الحركة الإسلامية في صيغتها الجديدة المتمثلة بحزب الرفاه بزعامة نجم الدين أربكان، وتفشّي الفساد وسط النخبة العلمانية للأحزاب، وتعطش الشعب للهوية، والأزمة الاقتصادية، إلى استمرار انغلاق البوابة الأوروبية في وجه تركيا، مروراً بانتشار الكتاب الإسلامي بفعل الترجمات السريعة لكل ما ينشر في العالم الإسلامي، ولا سيما من قبل كتّاب الحركة الإسلامية في تيارها الوسطي، كل هذه الأمور كان لها الأثر في تعزيز المد الإسلامي، حتى بات حزب «الرفاه» على رأس الأحزاب التركية بنسبة فاقت 22% من أصوات الناخبين، فأمكن لما يسمى الإسلام السياسي أو الحركة الإسلامية تشكيل الحكومة لأول مرة في تاريخ الدولة التركية الحديثة، متحالفاً مرة أخرى مع حزب علماني محافظ، تتزعمه سيدة هي تانسو تشيلر، وذلك سنة 1996 غير أن حراس المعبد العلماني قد استنفروا مصممين على الإطاحة بأربكان وحزبه، رغم كل التنازلات، التي قدمها للتواؤم مع شعائر المعبد، من مثل الوقوف على قبر أتاتورك، وأداء التحية له، واستقبال مسؤولين إسرائيليين، والمحافظة على الارتباطات الأطلسية والأوروبية. ولكنهم نقموا عليه بسبب مدّه جسوراً قوية مع الجوار العربي والعالم الإسلامي عامة، بمبادرته لزيارة عدد من الأقطار العربية والإسلامية مثل (ليبيا ومصر وإيران)، وعمله في تأسيس نادي الثمانية G8 للدول الإسلامية الكبرى، مقابل نادي السبعة للدول الرأسمالية الكبرىG7. واستضافته في شهر رمضان بعض رموز الصوفية والأئمة الكبار. ورغم أن أداء أربكان الاقتصادي كان عظيماً في النزول بالتضخم والبطالة والدين الخارجي إلى أدنى نسبة، بالقياس إلى الحكومات السابقة، ورغم أدائه المتميز غير المسبوق للبلديات، التي تديرها جماعة الرفاه، إلا أن ذلك وبقدر ما رفع مكانة الإسلاميين لدى الشعب، بقدر ما رفع مستوى نقمة الباب العالي (الهيئة العليا لرجال الأعمال والصحافة وقادة العسكر)، فصعّدوا الضغط عليه حتى حملوه على الاستقالة، وحركوا أداة أخرى من أدوات سيطرتهم (المحكمة العليا) فحلت حزباً في أوج عطائه، بنفس الاتهام الثقافي المعتاد: النيل من هوية الدولة العلمانية. وشنت على التيار الإسلامي ما يشبه حرب إبادة، وذلك على إثر ما استبد بأذهان حراس المعبد العلماني، من شعور بأن الحياة من حولهم بقيادة رئيس الوزراء، زعيم الحركة الإسلامية، اتجهت قدماً في اتجاه الإسلام، بما يهدد بتغيير طبيعة الدولة، فانعقد مجلس الأمن القومي في اجتماع عاصف اشتهر باجتماع28 فبراير 1997 الذي صدر عنه 18 بنداً، هي جملة من الإجراءات الصارمة ضد التيار الإسلامي على كل الصعد الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، وأمر رئيس الوزراء الإسلامي بتنفيذها، ما اضطرّه إلى الاستقالة، لتدخل بعده تركيا في طور عصيب من الاضطراب السياسي والثقافي والفساد الاقتصادي المهدد بالانهيار. واستمرت هذه المرحلة العصيبة، التي عرفت بمرحلة 28 فبراير، ولم تنته إلا بانهيار الطبقة السياسية بيمينها ويسارها، وجملة أحزابها تقريباً، ليعود التيار الإسلامي بعد خمس سنوات في ثوب جديد بزعامة شابة، تربت في أحضان المعاهد الدينية، ثم في الحركة الإسلامية خلال عقدين، وشملتها موجة الاضطهاد. وتمثّلت هذه الزعامة بشخصية الطيب رجب أردوغان، الذي أطيح به من رئاسة بلدية من أكبر البلديات في العالم، حيث تجلت فيها عبقريته، إذ توصّل إلى حل مشكلات حياتية فشل فيها كل من سبقه، فأحاطه الناس بحب عظيم. ولم يشفع له ذلك من العزل والزج به في السجن. لقد أفضى الحكم العسكري إلى إقصاء زعيم الحزب أربكان من السياسة، ما اضطره أن يمارسها من وراء ستار، من خلال حزب جديد هو حزب الفضيلة، دفع إلى قيادته أحد رفاقه هو المحامي رجائي قوطان، وحافظ الحزب على مكانه على رأس الأحزاب، لكن في المعارضة. ولم يرض ذلك الباب العالي، فصدر قرار بحلّه، فتشكل حزب السعادة بديلاً له. وفي مؤتمره تحدى تيار الشباب بزعامة عبد اللَّه غول وأردوغان قيادة الحزب المتمتعة بثقة أربكان. وكاد غول أن يفوز بالقيادة، ليضع موضع التنفيذ البرنامج الإصلاحي الذي يطالب به هو وأردوغان، فلما لم يحصل ذلك انطلق هذا التيار إلى تشكيل حزب جديد انحاز إليه51% من نواب الحزب في البرلمان. وكانت الفكرة الأساسية لحزب «العدالة والتنمية»، الحزب الجديد من أحزاب الحركة الإسلامية، تحمل جملة من التعديلات على السياسات المعهودة في هذا التيار، اعتباراً بما حدث في السنوات الست العصيبة الماضية، حيث تعرضت الحركة الإسلامية لمخطط إقصاء واستئصال وكسر عظم، على يد صاحب السلطة العليا الجيش. لقد كان من أهم الدروس التي استقاها الحزب الجديد تجنب كل ما يفضي إلى تجدد الصدام مع صاحب السلطة، بل العمل على كسب ثقته، وكذا تجنب الصدام مع العسكر ومعبدهم العلماني، وهو ما لا يمكن تحقيقه مع استمرار زعامة أربكان، الطرف المباشر في ذلك الصدام. وكذا إعطاء الأولوية للعلاقة مع أوروبا وللاقتصاد، والابتعاد عن إثارة المعارك حول بعض القضايا الحساسة، مثل الحجاب، باعتباره من أسخن ساحات الصراع بين التيار الإسلامي والتيار العلماني، الذي لم يتردد في طرد نائبة من البرلمان، وشطبها، رغم أنها منتخبة… فقط بسبب إصرارها على غطاء الرأس، وهو ممنوع بنص دستوري، مع أن الزائر لتركيا يفاجأ بالحجم الواسع لانتشار الحجاب، حيث يتراوح في مدينة مثل إسطنبول بين 70 إلى 80%، على حين أن أبسط معنى للديمقراطية أن تكون السلطة معبرة عن إرادة الشعب كله أو أغلبه على الأقل، وهذا مثل آخر صارخ على ما تتلظى به الحياة التركية من تناقضات، فهي خليط من إسلام وعلمانية، عثمانية وأوروبية، دكتاتورية وديمقراطية، حكم الشعب وحكم العسكر، بين شارع يملأه الإسلام ودستور يحاربه. هذا هو الواقع الذي يجب التعامل معه بالحكمة، والرهان على النفس الطويل في التطوير، وتأجيل طرح المحاور المثيرة، وإعادة ترتيب الأولويات، وإيلاء قضايا المعاش، وحقوق الإنسان، واحترام القانون، ومقاومة الفساد في نخبة الحكم الأهمية الكبرى، وتهيئة البلد للانضمام إلى أوروبا سبيلاً اخر للتقوي على الباب العالي الجديد، والحد من سلطانه المطلق.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)